في واقعة ساخرة لكنها كارثية، قلد أطفال مصريون فيديو داعش حول ذبح المصريين بليبيا، ونشروا فيديو مماثلا يقلدون فيه عناصر التنظيم وهم يذبحون رهائنهم وضحاياهم على شبكة الإنترنت، ما أثار دهشة وسخرية نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال أحد الأطفال الذي يمثل دور الزعيم وممسكا بما يشبه السيف إنه لابد من قتل هؤلاء، فإننا نذبح الأطفال والنساء والشيوخ، ثم يأمر عناصر التنظيم وهم زملاء له بتمثيل مشهد الذبح.
المشهد الذي صُور في مدينة المحلة بدلتا مصر، وإن كان يبدو ساخرا، إلا أنه يحمل دلالات كارثية تؤثر سلبا على الأطفال، ويحمل قيما هدامة تجعلهم ومع التوحد واستمرار عرض مثل هذه الجرائم عليهم يقلدون جرائم داعش مستقبلا وبطريقة حقيقية.
د. يسري عبدالمحسن، أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة، يؤكد لـ"العربية.نت" أن نشر فيديوهات داعش يخلق من عناصر التنظيم أبطالا في مخيلة هؤلاء الأطفال، خاصة إذا علمنا أن الأطفال قد يصابون بالتوحد عند عرض وتكرار مثل هذه المشاهد عليهم، وهنا قد يختلط عندهم الخيال بالواقع، فيصبح الخيال واقعا ينفذونه تلقائيا، مضيفا أن الدراسات النفسية تؤكد أن الطفل إذا تلقى 3 ساعات تعليما غير مباشر، فإن ذلك يشكل سلوكه بنسبة 70%.
وقال خبير الطب النفسي: إن الطفل عندما يشاهد جرائم داعش تسيطر عليه حالة لا إرادية من التقليد، فهو يهوى التقليد والمحاكاة، حيث يقلد أفراد أسرهم في حركاتهم وطريقة كلامهم وسلوكياتهم، وبالتالي عند تكرار مثل هذه المشاهد عليه سيقلدها لا محالة، فهو مادة خام ونحن من نشكلها ونصيغها بطريقتنا، لذا يجب عدم عرض مثل هذه المشاهد عليه حتى لا يتأثر بها وتغرس بداخله نوازع عدوانية وسلوكية تخرج لنا مع مضي الزمن جيلا عنيفا يهوى العنف والدماء، وتسيطر عليه رغبات مكبوتة تدفعه للقتل والذبح والحرق على غرار داعش.
وطالب الخبير بعدم نشر كل مقاطع الفيديو العنيفة، خاصة ما تبثه التنظيمات الإرهابية، مؤكدا على الخطورة الجسيمة على نفسية الأطفال وحتى الكبار لما لها من تأثير سلبي.
د. منى أحمد حسين، أستاذة الإعلام التربوي تقول لـ"العربية.نت" إن ما فعله أطفال المحلة سلوك كارثي ينذر بأزمة خطيرة تصيب المجتمع المصري، مشيرة إلى أن عرض الفيديو يشكل خطورة، لأن المحاكاة تعني أننا أمام جيل بدأ يقلد ما يحدث في المجتمع من جرائم، وهو غير مدرك لبشاعتها، وبالتالي سيعتاد على ذلك، بل سيصاب بأمراض نفسية معقدة لا حصر لها.
وأوضحت أن الجنود الأميركيين الذين حاربوا في العراق كانوا يعودون من هناك وهم مصابون بأمراض نفسية نتيجة ما شاهدوه من مشاهد للقتل والعنف وتناثر الجثث والدماء، فما بالنا بالأطفال صغار السن الذين مازالت عقولهم الصغيرة تحتاج لمن يغرس فيها القيم الجميلة والعادات الأصيلة، وليس مشاهد العنف والذبح والدماء.
وذكرت أن غالبية الأسر كانت في الماضي ترفض أن يشاهد أبناؤها مشهدا لذبح دجاجة أو خروف أو غيرهما حتى لا يتأثر بها نفسيا وحتى لا تثير مشاعره، أما الآن وللأسف فالأسر تدعو أبناءها لمشاهدة أفلام العنف وفيديوهات داعش.
وأضافت أن المحاكاة والتقليد لدى الطفل يؤثران على سلوكه بنسبة كبيرة، وما قاله الأطفال في مقطع الفيديو: "نحن تنظيم داعش الإرهابي لا دين لنا ولا وطن... نقتل النساء والأطفال والشيوخ"، فهذا ليس ما يجب أن نقدمه لأطفالنا، بل يجب من الآن فورا اتخاذ قرارات عليا بعدم نشر فيديوهات داعش الإجرامية حتى لا نجد أنفسنا مستقبلا أمام جيل كامل من الدواعش يستحل الذبح ويستسهل الحرق ويحيل المجتع إلى غابة من الوحوش تعشق القتل والعنف والتدمير.
التعليق بإستخدام حساب جوجل
تعليقات الفيسبوك