PUB

الحزب الجزائري الحاكم يكسب معركة المؤتمر دون إنهاء حرب المناوئين



كسب الجناح المؤيد للأمين العام الحالي عمار سعداني، المعركة القضائية ضد خصومه من أجل عقد المؤتمر العاشر لجبهة التحرير الوطني الذي انطلق أمس الخميس، حيث رفض مجلس الدولة (هيئة قضائية إدارية)، دعوى عدم شرعية عقد المؤتمر سبق لمناوئي سعداني أن تقدموا به للقضاء.

ويبدو أن دخول مؤسسة الرئاسة على خط الأزمة، من أجل التوسط بين الطرفين المتصارعين قد باء بالفشل، حيث لم تفض اللقاءات السرية التي عقدت في قصر الرئاسة، بدعوة من المستشار الأمني للرئيس بوتفليقة واللواء الاستخباراتي السابق بشير طرطاق، لم تقنع لا المؤيدين ولا المناوئين وتمسك كلاهما برؤيته ومطالبه.

وتذكر في هذا الصدد مصادر مطلعة أن المستشار الوسيط، المعروف باطلاعه على تفاصيل ملف الحزب الحاكم منذ أيام شغله في جهاز الإستخبارات، تحرك في مهمته بإيعاز من الرئيس بوتفليقة، من أجل إنقاذ المؤسسة الرئاسية من الإحراجات التي وقعت فيها بسبب حرب الأجنحة المستعرة، وارتفاع الأصوات الداعية في جناح المعارضة رئيس الجمهورية للتدخل من أجل التحكيم بين الطرفين بوصفه الرئيس الشرفي للحزب منذ سنة 2003.

وكان الجناح المعارض لسعداني قد كشف عن وثيقة تتضمن توقيع 128 عضوا من اللجنة المركزية للحزب تحصلت “العرب” على نسخة منها، تضمنت رفض هؤلاء لعقد المؤتمر، وأصروا على الطعن في شرعية الهيئات الداعية له أو العاملة على التحضير له، وتضمنت القائمة أسماء ثقيلة في الحزب، على رأسها أمناء عامون سابقون من زمن الأحادية، كمحمد الصالح يحياوي، و بوعلام بن حمودة وعبدالعزيز بلخادم.

كما أعرب جناح عريض من نواب الحزب تمرده على سلطة الأمين العام عمار سعداني، وأكد مناصروه في وثيقة وقعها 86 نائبا، على ما أسموه بـ”الطريقة غير الشرعية لتسيير الحزب من طرف عمار سعداني”، وصرح في هذا السياق النائب محمد رميلي من محافظة البويرة (120 كلم شرقي العاصمة)، لـ”العرب” بأن، “النواب الموقعون بعد أن قرروا تشكيل كتلة سياسية مستقلة بالموازاة مع الكتلة الرسمية للحزب داخل قبة البرلمان، للتعبير عن رفضهم لطريقة تسيير الحزب والخرق المتواصل لنصوص الحزب من طرف عمار سعداني، اتجهوا للتعبير عن موقفهم الرافض لعقد المؤتمر في أجواء الإقصاء والتهميش، وتحويل الحزب إلى مكب للإنتهازيين والوصوليين”.
وعن سؤال حول مضمون القرار القضائي الذي صدر في غير صالحهم، أضاف بأن “كوادر الحزب مستعدة لجميع السيناريوهات، وقرارنا برفض ومقاطعة أشغال المؤتمر لا رجعة فيه، وسنواصل النضال بكل الطرق والوسائل المتاحة، إلى غاية استرجاع الشرعية”.

ويذكر مراقبون للشأن السياسي في الجزائر، بأن صراعات الحزب الحاكم التي تجلت بقوة منذ سنة 2003، تعكس في واقع الحال صراعات الجماعات الضاغطة في السلطة، وتعبر عن حجم الخلافات الداخلية بين سرايا النظام، فكثيرا ما يوظف الحزب كواجهة لبلوغ أجندات معينة لصالح هذا الطرف أو ذاك، وإذ تتمسك ظاهريا مختلف الأجنحة بالوفاء للرئيس الشرفي لبوتفليقة، فإن ما تحت الطاولة هو معارضة لسلطته ورفضا لتنامي نفوذ شقيقه ومستشاره وما يعرف بجناح الرئاسة.

وكان عمار سعداني عين النائب محمد جميعي المعروف بولائه له، على رأس الكتلة البرلمانية للحزب داخل الغرفة السفلى، بعد تعيين الرئيس السابق للكتلة النائب الطاهر خاوة وزيرا في الحكومة الجديدة مكلفا بحقيبة العلاقات مع البرلمان، وهي الخطوة التي رفضها النواب المتمردون واعتبروها تجاوزا خطيرا من طرف سعداني في حق النصوص والآليات المسيرة للحزب.

وسبق لمناوئي سعداني أن نظموا يوم الإثنين الماضي، اعتصاما أمام مقر الحزب، عبروا خلاله عن رفضهم لعقد المؤتمر العاشر، ووجهوا اتهامات له بالولاء لفرنسا، والعمل على تكسير الحزب في إطار أجندة معادية لمسار وتاريخ جبهة التحرير الوطني، وتجاوز صلاحيات ودور مؤسساته.

وأكد القيادي المعارض عبدالكريم عبادة في تصريح لـ”العرب”، أن “عمار سعداني استفاد من الفراغ الذي تركته عملية سحب الثقة من الأمين العام الأسبق عبدالعزيز بلخادم سنة 2012، واصطنع لجنة مركزية من دخلاء انتحلوا صفة الأعضاء الحقيقيين، ولجأ للتصويت برفع الأيدي لإيهام الرأي العام، ونتحداه أن ينشر قائمة الأعضاء الذين يقول أنهم انتخبوه”.

وتابع “نحن نعتبر قيادته غير شرعية والمؤتمر غير شرعي وسيقود الحزب إلى الهاوية، لأنه مصطنع بدخلاء وأصحاب رؤوس أموال وأثرياء مشكوك في مصدر أموالهم، ويقوم على سياسة الإقصاء والتهميش للأبناء الحقيقيين للحزب”.

ويعد عمار سعداني واحدا من الشخصيات المقربة من الرئيس بوتفليقة، واستفاد من دعم وتأييد الرجل القوي في السلطة، شقيق ومستشار الرئيس سعيد بوتفليقة، بفرضه على رأس الحزب في اجتماع أغسطس 2013 بفندق الأوراسي بالعاصمة، رغم أنه كان مستبعدا حينها مقارنة بالأسماء الثقيلة المتداولة آنذاك لخلافة عبدالعزيز بلخادم، وتذكر بعض المصادر أن الرجل يعد واحدا من الدائرة الضيقة التي تدير شؤون البلاد خلف الستار باسم الرئيس بوتفليقة.
Print Friendly and PDF

Med Ali Jabeur

    التعليق بإستخدام حساب جوجل
    تعليقات الفيسبوك

0 commentaires :

إرسال تعليق